المشاركات

النماذج السلبية في الإدارة الاستراتيجية: عندما تنحرف البوصلة

صورة
على الرغم من أهمية المعرفة التامة للإدارة الاستراتيجية وما هو مفهومها ( ماذا أدير ، ولماذا أدير ، وكيف أدير ، وأين أدير )، إلا أن هناك نماذج سلبية مع تجاهل النموذج الأمثل للإدارة، وهو الكفاءة و الفاعلية من خلال مجموعة من الخيارات التي تعمل المنظمة على تحقيقها خلال مدة زمنية محددة في ظل بيئة متغيرة، مع الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة (المالية، المادية، التكنولوجية، والموارد البشرية). ورغم وضوح الأسس النظرية للإدارة الاستراتيجية وأهمية تطبيقها بوعي، إلا أن الممارسة العملية قد تنحرف أحيانًا نحو أنماط سلبية تُفرغ الاستراتيجية من جوهرها. هذه الأنماط لا تنشأ من فراغ، بل غالبًا ما تكون نتيجة سوء استغلال الموارد المتاحة، أو ضعف القدرة على المواءمة مع بيئة العمل المتغيرة، أو غياب الرؤية الواضحة. ومن أبرز هذه الأنماط ما يمكن وصفه بـ إدارة الأمل ، الإدارة الغامضة ، و الإدارة بالاستقراء ، وهي نماذج تترك أثرًا عميقًا على قدرة المنظمة على المنافسة والاستمرار. النماذج السلب...

️ من القاعة إلى الميدان: القيمة الحقيقية للتدريب

صورة
في كل مرة تُفتح فيها قاعة تدريبية، يُفتح معها باب لاحتمال جديد من الوعي المهني. لكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثير هي أن التدريب لا يُقاس بعدد الأيام، بل بما يتغيّر بعد انتهاء الدورة . حين شاركت في دورة مؤشرات الأداء الرئيسية بمعهد الإدارة، أدركت أن الزمن التدريبي لا يبدأ من لحظة تسجيل الحضور، بل من اللحظة التي أعود فيها إلى مكتبي لأُطبّق ما تعلّمته على أرض الواقع. فالقيمة ليست في الشهادة، بل في ترجمة المعرفة إلى ممارسة . الموظف الذي يعود من الدورة دون أن يُحدث فرقًا، يشبه من قرأ كتابًا وأغلقه دون أن يتأمل سطرًا واحدًا منه. إن الدورات ليست تحصيل حاصل من أجل الترقية، بل هي محطات وعي تُعيد ترتيب طريقة التفكير، وتُنمّي حسّ القيادة الداخلية لدى الفرد. أما الزمن التدريبي الحقيقي ، فهو ما يلي انتهاء الدورة، حين تبدأ مرحلة "الاختبار التطبيقي" لما تمّ تعلمه. هناك تُختبر الإرادة قبل المهارة، والصبر قبل الخطط، وتظهر الفوارق بين من حضر ليحصل على شهادة، ومن حضر ليصنع أثرًا. ولكي يكون التدريب ذا أثر مستدام، لا بد أن يكون هناك تبادل منفعة داخل بيئة العمل. فالزميلة ا...

الإدارة الذكية في رؤية المملكة 2030: حين تلتقي التقنية بالإنسانية في بناء وطن طموح

صورة
  رؤية المملكة 2030 ليست مجرد خطة اقتصادية، بل مشروع وطني شامل أعاد تعريف مفهوم الإدارة في العصر الحديث.  لقد تحولت الإدارة في المملكة من النمط التقليدي القائم على المتابعة والتنفيذ، إلى إدارة ذكية تعتمد على التحليل، والتكامل، والتخطيط الاستباقي. هذا التحول لا يعني الانتقال نحو الرقمنة فقط، بل إعادة هندسة الفكر الإداري نفسه ليتوازن بين الكفاءة التقنية والعمق الإنساني، وبين سرعة الإنجاز وجودة الأثر.  الإدارة الذكية في إطار رؤية المملكة بحسب الموقع الرسمي للرؤية (vision2030.gov.sa) ، تقوم الرؤية على ثلاثة محاور رئيسية: مجتمع حيوي يضع الإنسان في مركز التنمية. اقتصاد مزدهر يقوم على الابتكار والتنويع. وطن طموح يبني مؤسساته على الكفاءة والشفافية. ولتحقيق هذه المحاور، تم تبني نهج إداري حديث يعتمد على: التحول الرقمي الشامل بين الجهات الحكومية. إدارة الأداء بالمؤشرات والبيانات الدقيقة. تمكين الكفاءات الوطنية بالمهارات المستقبلية. رفع كفاءة الخدمات عبر الأتمتة دون المساس بجودة التجربة الإنسانية. من ال...

مستويات الاستراتيجية في الفكر الإداري الحديث

صورة
  يُثار في الفكر الإداري تساؤل مهم حول العلاقة بين التخطيط الاستراتيجي و الإدارة الاستراتيجية : هل هما وجهان لعملة واحدة، أم أن الإدارة الاستراتيجية هي ثمرة تطوّر طبيعي لمفهوم التخطيط الاستراتيجي؟ والحقيقة أن الإدارة الاستراتيجية أصبحت الإطار الأشمل الذي يحتضن التخطيط كأداة ضمن دورة متكاملة تشمل التحليل، التخطيط، التنفيذ، والمتابعة والتكيف مع البيئة المتغيرة. ومن هذا المنطلق، أصبح فهم مستويات الاستراتيجية داخل المنظمة ضرورة أساسية لضمان انسجام الفكر مع الممارسة. الخلاصة: التخطيط الاستراتيجي جزء من الادارة الاستراتيجية كما انه لم يعد الفكر الإداري الحديث يكتفي بالمستويات الثلاثة التقليدية (الكلية – وحدات الأعمال – الوظيفية)، بل تطوّر المفهوم ليشمل مستويات أعمق وأكثر تكيفًا مع التغيرات التنظيمية. وفيما يلي مقارنة بين أبرز مستويات الاستراتيجية وفق تطور الفكر الإداري عبر العقود: م مستوى الاستراتيجية الوصف العام أبرز العلماء / المدارس 1 الاستراتيجية الكلية تُعنى بتحديد مجالات عمل المنظمة وتوزيع...

من ساحات الحرب إلى مكاتب الإدارة: تطوّر مفهوم الاستراتيجية

صورة
  تتبع هذه المقالة رحلة مفهوم الاستراتيجية من جذوره العسكرية عند كلاوزفيتز إلى الفكر الإداري الحديث عند بورتر ومنتزبرغ، لتوضح كيف أصبحت أداة لصنع الأثر لا للقتال. كَثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول مفهوم الاستراتيجية وأهميته في الإدارة الحديثة، رغم أن المصطلح لم يكن في الأصل إداريًا، بل وُلد في أحضان الفكر العسكري . فقد استُخدم سابقًا لوصف فن إدارة المعارك وتوجيه الجيوش لتحقيق النصر، إذ كان الهدف دراسة الوسائل التي تضمن نجاح الدول في حروبها. ومن أبرز من تناول المفهوم بعمق هو الخبير العسكري كلاوزفيتز (Clausewitz) الذي رأى أن جوهر الاستراتيجية يقوم على ترابط وتماسك ثلاثة عناصر رئيسية: تركيز القوات: لتحقيق التفوق الحاسم في موقع محدد. اقتصاد القدرات: لضمان الاستخدام الأمثل للموارد دون هدر. حرية التحرك: التي تتيح اتخاذ القرار السريع وفق متغيرات الميدان. ومع تطور المجتمعات وتحوّل موازين القوة من الجيوش إلى الاقتصاد والمعرفة ، انتقلت الاستراتيجية من ساحات الحرب إلى مكاتب الإدارة، لتصبح أداة فكرية تُستخدم في معارك السوق بدلًا من ميادين القتال. فبينما كا...

معايير الجودة… من الشهادة إلى الممارسة

صورة
الجودة ليست شعارات رنّانة، بل التزام حيّ بالقيم، وأداء يُقاس بالمعايير الصحيحة، وتوازن حكيم بين الإنتاجية والإنسانية. 🔸 المقدمة عندما نسمع كلمة "الجودة" يتبادر إلى الذهن أحيانًا شهادات مهنية مثل ISO أو جداول مليئة بالمؤشرات. لكن الحقيقة أن الجودة أوسع وأعمق من مجرد أوراق رسمية أو عبارات تُرفع على الجدران. الجودة فلسفة إدارية حيّة، تبدأ من القيم، وتُقاس بالمعايير الصحيحة، وتنعكس في النهاية على التجربة الإنسانية. 🔸 لماذا نحتاج معايير الجودة؟ يوضح الجدول التالي الفرق بين الوضع الحالي بدون معايير جودة، والوضع المثالي عند تطبيقها بوعي: العنصر الوضع الحالي (بدون معايير جودة) عند تطبيق معايير الجودة بوعي توحيد اللغة الإدارية ليس تضاربًا مباشرًا، وإنما عمل مبني على الخبرة الشخصية دون إطار موحّد، فتُدار العمليات بشكل عشوائي وكلٌ حسب اجتهاده لغة موحدة ومعايير واضحة تسهّل التنسيق بين الإدارات والمؤسسات قياس الأثر الحقيقي...

في الإدارة الواعية… لا هدف دون وعي بالرؤية

صورة
  لماذا لا يمكن تطبيق الإدارة بالأهداف دون وضوح رؤية المؤسسة؟ في نموذج الإدارة الواعية المتكاملة ، لا تبدأ الأهداف من الأسفل إلى الأعلى، بل من الرؤية الشاملة إلى السلوك التنفيذي . فالإدارة بالأهداف (MBO) وفقًا لفكر بيتر دراكر ، لا يمكن تفعيلها ما لم تكن هناك مواءمة واضحة ومنطقية بين جميع مستويات الأهداف داخل المؤسسة.  مستوى الأهداف  ما يمثله 1. الأهداف المؤسسية الكبرى الرؤية، الرسالة، والاتجاه الاستراتيجي العام 2. الأهداف الوظيفية / الإدارية ترجمة عملية للرؤية موزعة على الإدارات 3. الأهداف الفردية مساهمة كل موظف وفق دوره وكفاءته  إن لم تكن الأهداف العليا واضحة، فإن أي جهد فردي— even لو كان حسن النية — قد يُسهم في تشتيت الاتجاه، لا تحقيقه.  ما الذي يجب على الموظف معرفته قبل صياغة أهدافه؟  السؤال الإداري  الغاية من معرفته ...